معلمة رياض الأطفال بين الواقع والطموح
الرجوع إلى قائمة المقالات
مقدمة عامة :
من أهم المشكلات التي تواجه الحياة الاقتصادية في حضارتنا الحديثة المعقدة هي مشكلة توجيه الأفراد نحو المهن التي تصلح لهم و يصلحون لها . و هذه المشكلة لا تقتصر آثارها على الحياة الاقتصادية و إنما نرى انعكاساً لآثارها على الأفراد من حيث سعادتهم و رضاهم الشخصي عن العمل الذي يقومون به و بالتالي يتأثر كم إنتاجهم و نوعيته .
معلمة رياض الأطفال هي مهنة غاية في الحساسية و تحتاج إلى خصائص شخصية و تدريب و تأهيل معين و دقيق ، حيث أن معلمة الروضة تشارك مع الأسرة بشكل رئيسي في بناء القاعدة النفسية و المعرفية الأساسية للإنسان و لا يستطيع أي منا إنكار أهمية الخبرات التي يمر بها الإنسان في مرحلة الطفولة المبكرة و أثرها على حياته المستقبلية ، فهو في هذه المرحلة يكون سريع التأثر بما يحيط به ، لذلك فان لرعايته في هذه المرحلة أهمية كبيرة و من هنا تنبع أهمية هذه المهنة .
و للأسف على الرغم من أهميتها و حساسيتها إلا أن فهمنا لسمو رسالتها يتقلص يوماً بعد يوم و لعل السبب في ذلك يعود إلى جهل الناس بمعظم ما يتعلق بهذه المهنة من معلومات و يطال هذا الجهل أحياناً المعلمة نفسها فهي للأسف لا تعرف الكثير عن مهنتها و في معظم الأحيان اختارتها مجبرة أو بالصدفة مما يجعلها غير مؤهلة التأهيل الكافي للقيام بعملها على أكمل وجه .
من هي معلمة رياض الأطفال ؟
هي التي تقوم بتربية الطفل في مرحلة الروضة و تسعى إلى تحقيق الأهداف التربوية التي يتطلبها المنهاج مراعية الخصائص العمرية لتلك المرحلة ، و هي التي تقون بإدارة النشاط و تنظيمه في غرفة النشاط و خارجها اضافة إلى تمتعها بمجموعة من الخصائص الشخصية و الاجتماعية و التربوية التي تميزها عن غيرها من معلمات المراحل المراحل العمرية الأخرى . ( مرتضى ، 32 )
ما هي مرحلة رياض الأطفال ؟
هي مرحلة خاصة بالأطفال الصغار الذين أكملوا السنة الرابعة من عمرهم و هي تسبق المرحلة الابتدائية أي تضم الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ( 4 – 6 ) سنوات و مدة الدراسة فيها سنتان ، و تكون على مرحلتين و هما :
الروضة : مخصصة للأطفال الذين أكملوا سن الرابعة من عمرهم .
التمهيدي : الذين أكملوا السنة الخامسة من عمرهم .
و تجري الدراسة فيها وفقاً لمنهج مقرر من وزارة التربية و ينقل الطفل بعد انتهائه من هذه المرحلة إلى المدرسة الابتدائية ، حيث يسجل بالصف الأول الابتدائي . ( النوري ، 1982 م )
دور معلمة رياض الأطفال :
تقوم مربية رياض الأطفال بأدوار عديدة و تؤدي مهاماً كثيرة و متنوعة تتطلب مهارات فنية مختلفة يصعب تحديدها و تفصيها ، فهي مسؤولة عن كل ما يتعلمه الطفل إلى جانب مهمة توجيهية حول نمو كل طفل من أطفالها في مرحلة حساسة من حياتهم ، و تبدأ هذه المرحلة بالتخطيط و تستمر بالتنفيذ و تنتهي بالتقويم و المراجعة كما أن للمعلمة دوراً رئيسياً في تطوير العملية التربوية لأنها على تماس دائماً مع الأطفال .
و يمكن إجمال أدوار معلمة الروضة فيما يلي :
1. دور معلمة الروضة كبديلة للأم : إن دور معلمة الروضة لا يقتصر على التدريس و تلقين المعلومات للأطفال بل إن لها أدواراً ذات وجوه و خصائص متعددة فهي بديلة للأم من حيث التعامل مع أطفال تركوا أمهاتهم و منازلهم لأول مرة و وجدوا أنفسهم في بيئة جديدة و محيط غير مألوف لذا فإن مهمتها مساعدتهم على التكيف و الانسجام.
2. دور المعلمة في التربية و التعليم : كما أن دورها يجب أن يكون دور المعلمة الخبيرة في فن التدريس ، حيث أنها تتعامل مع أفراد يحتاجون إلى الكثير من الصبر و الالمام بطرق التدريس الحديث .
3. دور المعلمة كممثلة لقيم المجتمع : إضافة إلى ذلك فهي ممثلة لقيم المجتمع و عليها مهمة تنشئة الأطفال تنشئة اجتماعية مرتبطة بقيم و تقاليد المجتمع الذي يعيشون فيه و تستخدم الأساليب المناسبة .
4. دور المعلمة كقناة اتصال بين المنزل و الروضة : المعلمة أيضاً حلقة اتصال بين الروضة و المنزل فهي القادرة على اكتشاف خصائص الأطفال و عليها مساعدة الوالدين في حل المشكلات التي تعترض طريق أبنائهم في مسيرتهم التعليمية .
5. دور المعلمة كمسؤولة عن إدارة الصف و حفظ النظام فيه : من أساسيات العمل التربوي للمعلمة توفير النظام المرتبط مع الحرية في رياض الأطفال و تعد الفوضى من أكبر المعوقات في العمل والمعلمة الناجحة هي التي تقوم بالجمع ما بين انضباط الطفل و حريته و تشجع الطفل على التعبير الحر الخلاق في روح من حب الطاعة .
6. دور معلمة الروضة كمعلمة و متعلمة في الوقت ذاته : على معلمة الروضة أن تطلع على كل ما هو جديد في مجال التربية و علم النفس و أن تجدد من ثقافتها و تطور من قدراتها متبعة الأساليب التربوية الحديثة .
7. معلمة الروضة كموجهة نفسية و تربوية : تقوم معلمة الروضة بنحديد قدرات الأطفال و اهتماماتهم و ميولهم و توجه طاقاتهم و بالتالي تستطيع تحدبد الأنشطة و الأساليب و الطرائق المناسبة لتلك الخصائص و التي تميز كل طفل . كما لابد لمعلمة الروضة من تحديد المشكلات التي يعاني منها الطفل و القيام بالتعاون مع المرشد النفسي في علاج تلك المشكلات و اتخاذ التدابير الوقائية للطفل قبل ظهور مشكلات نفسية أخرى . ( مرتضى ،2001م )
الخصائص التي يجب أن تتوفر في معلمة الروضة :
خصائص و صفات شخصية إضافة إلى الخصائص و الصفات المهنية :
1. إن الصفة الأهم و المميزة التي يجب أن تتمتع بها معلمة الروضة هي حب الأطفال و حب مهنتها .
2. القدرة على تقدير حاجات الأطفال و تمييز ميولهم و تقدير امكاناتهم فالمعلمة التي تستطيع إدراك تلك الخصائص تتمكن من الوصول إلى الأهداف التربوية بالارتقاء بنمو الطفل و تحقيق التكامل بين جوانب النمو المختلفة . و الإلمام بعلم نفس الطفل للاستفادة منه في تحديد حاجات الطفل و علم نفس الفروق الفردية كما يجب أن تكون لديها القدرة على تحليل سلوك الطفل و الإلمام بطرق التواصل معه و الإلمام بطرق مراقبة السلوك و أدوات الملاحظة المساعدة لها في التعرف على خصائص الأطفال و قدراتهم .
3. القدرة على توجيه النشاط الذاتي للطفل و تقدير التوقيت المناسب للحصول على التعلم لأن الإسراع في إحدى عملية التعليم و عدم توفير الفرص و للتعلم الذاتي و الاكتشاف يقلل من فاعلية التعلم الذي يحدث .
4. الاستعداد النفسي و التحلي بالصبر في التعامل مع الأطفال و البقاء معهم لمدة طويلة تلاعبهم و تعلمهم و تتفاعل و تستمع إلى أفكارهم .
5. الثقة بالنفس و تقدير الذات و حمل مشاعر ايجابية تجاه مهنتها و قدراتها و إدراكها لأهمية الدور الذي تقوم به حيث بين التربويون أن المشاعر التي تحملها معلمة الروضة تؤثر على العملية التربوية بالتالي تؤثر على الأطفال . ( مرتضى ، 2001 م)
6. أن تكون لديها القدرة على إقامة علاقات إجتماعية إيجابية مع الأطفال والكبار (زميلات فى العمل / أولياء أمور / المسؤولين ) .
7. أن تتمتع بالاتزان الانفعالي .
8. أن تكون سليمة الجسم والحواس ، وأن تكون خالية من العيوب الجسمية التى يمكن أن تحول دون تحركها بشكل طبيعي ، وبحيوية مع الطفل .
9. أن تكون على خلق يؤهلها لأن تكون مثلاً يحتذى به ، وقدوة بالنسبة للأطفال في كل تصرفاتها .
10.أن تكون لغتها سليمة ونطقها صحيحاً .
11.أن تتمتع بالذكاء ، مما يسمح لها بالإفادة من كل فرص التعليم، و التطوير المهني ، بما يعود بالفائدة عليها وعلى الأطفال .
12.أن تتمتع بالمرونة الفكرية ، التي تساعد على الابتكار ، وأخذ المبادرة في المواقف التي تواجهها.
13.الجرأة والاستكشاف .
14.الجرأة فى المحاولة ، والتجربة .
15.القدرة على التأثير على الغير .
16.يفضل أن تكون امرأة بدلاً من الرجل لأن غريزة الأمومة أقرب إلى مشاعر الطفل وحياته
المشكلات التي تواجهها معلمة الروضة :
مشكلات تتعلق بها شخصياً :
· شعورها بتدني مكانتها الاجتماعية و نظرتها بذلك متأثرة بنظرة المجتمع لمهنة التعليم التي باتت تحتل موقعاً متدنياً في السلم المهني .
· عدم تناسب ما تتقاضاه من راتب مع ما تبذله من مجهود و ضعف الحوافز و المكافآت .
مشكلات تعيق أدائها المهني :
· كثرة عدد الأطفال بالصفوف .
· عدم القدرة على السيطرة عليهم بسبب عدم تأهيلها بشكل ملائم .
· المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقها .
دراسة مبدئية قمت بها:
عينة الدراسة :
تألفت عينة الدراسة 6 معلمات ينتمين إلى روضة واقعة في ريف دمشق تتراوح أعمارهن بين 28 و 32 سنة.
أدوات الدراسة :
استبانة المعلمة : تحاول هذه الاسبانة قياس أربعة جوانب يجب أن تتوفر لدى المعلمة : الجانب الأول السمات الشخصية لها و تعتقد أنها تتميز بها و تتدرج هذه الأسئلة من السؤال 1 حتى السؤال 7 ، الجانب الثاني علاقة المعلمة مع زميلاتها بالمنشأة التربوية " الروضة " و تتدرج هذه الأسئلة من السؤال 8 حتى السؤال 13 ، الجانب الثالث علاقتها النفسية بمهنتها أو مشاعرها نحو مهنتها بشكل عام و تتدرج هذه الأسئلة من 14 حتى السؤال 19 ، الجانب الرابع و الأخير يتعلق بوعيها نحو أهمية التأهيل المهني لمهنتها و تتدرج هذه الأسئلة من السؤال 20 حتى السؤال 28 . يطلب من المعلمة الاجابة بنعم أو لا أو أحياناً حيث تعطى الاجابة نعم درجتين و الاجابة أحياناً درجة و الاجابة لا صفراً مع مراعاة الأسئلة سلبية المعنى و هي ( 11 – 12 – 14 – 15 – 16 – 17 – 18 – 19 ).
تهدف الاستبانة الإجابة عن الأسئلة التالية :
هل تتوافر في معلمة الروضة السمات الشخصية الملائمة للعمل ؟
هل تتفق المعلمة مع زميلاتها بالعمل بشكل جيد ؟
هل مشاعرها تجاه مهنتها ايجابية ؟
هل تدرك أهمية التأهيل العملي لمهنتها ؟
النتائج :
بعد تفريغ البيانات و حساب النسبة المئوية نجد أنه كانت نسبة الاجابات التي تعزز توفر الصفات الشخصية الملائمة لمعلمة الروضة = 42 % و ذلك حسب رأيها .
تعتبر هذه النسبة منخفضة و لعل ذلك يعود إلى عدم معرفتها بالصفات التي يجب أن تتوفر لديها و عدم مراعاتها أثناء العمل ، كما أن هذه الصفات لا يؤخذ بها بعين الاعتبار في أغلب الأحيان أثناء الانتقاء المهني .
نسبة الاجابات التي تعبر عن ايجابية علاقة المعلمة بزميلاتها في العمل = 77.7 % حسب رأيها .
تعتبر هذه النسبة جيدة و تعزى هذه النسبة حسب رأيي إلى قلة عدد المعلمات في الروضة التي تمت عليها الدراسة ، انتماء المعلمات إلى منطقة واحدة ، يعملن معاً منذ فترة زمنية طويلة تقريباً .
نسبة الاجابات التي تعبر عن مشاعر المعلمة الايجابية تجاه مهنتها = 50 % النسبة متوسطة حسب رأيها . ربما لا تحمل معلمة الروضة الكثير من المشاعر الايجابية تجاه مهنتها بسبب ، ضعف الراتب الذي تتقاضاه بالنسبة لمستوى المعيشة ، النظرة المنتشرة في المجتمع بالنسبة لمهنة التعليم و التي أصبحت متدنية في هذه الأيام .
النسبة التي تعبر عن ادراكها لأهمية التأهيل المهني بالنسبة لمهنتها = 62.96 % .
هذه النسبة جيدة ، في الروضة التي ذهبت إليها تتلقى المعلمة تأهيلاً لمدة شهر قبل العمل في الروضة و تكون على دراية ببعض المعلومات حول علم النفس و لكن هذا لا يكفي ، كما أن الخبرة تلعب دوراً كبيراً في ما تعرفه المعلمة من معلومات و كانت عدد سنوات الخبرة بالنسبة للمعلمات اللاتي قابلتهن تتراوح بين 6 سنوات و 10 سنوات .
ملاحظة ختامية :
نتائج هذه الدراسة المتواضعة لايمكن تعميمها و ذلك بسبب صغر حجم العينة التي تمت دراستها ، و لكن لفت الانتباه إلى أهمية الدور الذي تلعبه معلمة رياض الأطفال ضروري جداً ، و بالتالي لفت الانتباه إلى أهمية التأني في اختيارها و من ثم تأهيلها تأهيلاً مناسباً من الجوانب النظرية و العملية ، و تأمين ما يلزمها لتأدية عملها على أكمل وجه .